قلبها يعرفني - رحلة تقبل الزهايمر
الحياة أحيانًا تأتي لنا بتجارب قاسية، تجارب تجعلنا نقف أمام أنفسنا نبحث عن القوة والصبر. واحدة من هذه التجارب التي أثرت فيّ بعمق هي تجربة والدتي مع مرض الزهايمر. والدتي، تلك المرأة القوية التي كانت دائمًا تملأ حياتي بالطاقة والحنان، بدأت شيئًا فشيئًا تفقد قدرتها على إدراك الأمور البسيطة، وتبتعد عن واقعنا الذي كنا نعيشه معًا
في البداية، كان من الصعب عليّ قبول ما يحدث. كانت رؤية والدتي، التي كانت رمزًا للقوة والاستقلالية، تتحول إلى شخص ضعيف وتائه تؤلمني بشدة. كنت أشعر بالعجز أمام هذا المرض الذي يأخذها مني ببطء. لكن مع مرور الوقت، بدأت أرى علامات أكثر وضوحًا على أنها تفقد الاتصال بالعالم الخارجي، وبدأت أدرك أن ما يحدث هو حقيقة واقعة
أدركت حينها أنني إذا أردت أن أساعد والدتي وأساعد نفسي، عليّ أن أتعامل مع هذه الحقيقة وأتقبلها. كان عليّ أن أتجاوز مشاعري الشخصية وأبدأ في تقديم الدعم ليس فقط لها، بل لباقي أفراد العائلة أيضًا. ومع ذلك، لم يكن هذا الأمر سهلاً. كان عليّ أيضًا مواجهة التحديات المجتمعية المتمثلة في النظرة السلبية والخجل المرتبط بمرض الزهايمر
أكثر شيء كان يؤلمني هو الشعور بالخجل الذي يشعر به البعض تجاه هذا المرض. هؤلاء المصابون بالزهايمر هم أحباؤنا، ولهم مكانة كبيرة في حياتنا. لكي نستطيع مساعدتهم، يجب أن نغير أفكارنا المجتمعية ونتقبل هذا المرض بعقلانية. عندما نتقبل المرض ونتعامل مع النظرة المجتمعية تجاهه، سنتمكن من تقديم الدعم الذي يحتاجونه وتخفيف الألم عن أنفسنا ونحن نشهدهم يفقدون ذكرياتهم
لكن من خلال كل هذه التجربة، هناك لحظات لا أنساها مع والدتي. رغم أنها فقدت العديد من ذكرياتها، إلا أنني أدركت أن قلبها لا يزال يعرفني. حتى عندما نسيت اسمي، كنت أشعر بمحبتها لي، كنت أعلم أنها لا تزال تعني لي الكثير وأنا لها أيضا
رسالتي لكل من يمر بتجربة مشابهة: غيروا أفكاركم تجاه هذا المرض، تقبلوا أحبائكم المصابين، وانظروا إليهم بعيون الحب والتفهم. ستكتشفون أن قلبهم لا يزال يعرفكم، حتى لو نسوا كل شيء آخر. هؤلاء الأحباء ما زالوا موجودين، وما زالت محبتهم لكم حقيقية وعميقة. لنغير هذه الأفكار المجتمعية معًا، وننظر للمرض بعقلانية ومحبة. وبالتفهم والصبر، سنتمكن من العيش معهم تلك اللحظات المتبقية، مع الحفاظ على كرامتهم والاعتزاز بالحب الذي يظل يجمعنا، مهما تغيرت الظروف